الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية الاعلام العمومي يعود الى الدعاية والمحسوبية.. فمن يخلّصه من هذه التبعيّة؟

نشر في  18 فيفري 2015  (11:02)

يلاحظ المتابع للمشهد الاعلامي التونسي وخاصة العمومي منه، أنه ورغم هامش الحرية الذي تمتّع بها هذا القطاع بعد ثورة 14 جانفي، فإنه مازال متشبثا ببعض القوالب الجاهزة والمفردات الكلاسيكية التي لفظها الشعب وبلغة خشبية بتنا في غنى عنها، حيث أضحى من الملفت للانتباه تمسّك هذه المرافق الاعلامية العمومية بتغطية أنشطة وتحركات المسؤولين السياسيين بطريقة مجانية وتذكرنا بتلك الأخبار الجاهزة التي كانت تفرض على هذه المؤسسات خلال النظام السابق، لكن وكما قلنا في السابق كانت مثل هذه النوعية من الأخبار مفروضة من أعلى جهاز للدولة، في حين نجدها اليوم تمرر بطريقة طوعية ومسقطة.
ففي الوقت الذي خلنا فيه أن وسائل الاعلام العمومية تخلصت من قيود العبودية وتجميل صورة المسؤول السياسي نجدها ما تزال رهينة للمربع القديم، مربع الدعاية السياسية على حساب قضايا تهم المواطن التونسي، اليوم وبعد ان تصالح المواطن التونسي مع اعلامه العمومي بات من الضروري أن يتحمل هذا الاعلام مسؤوليته وان يتخلص من عقلية الاعلام القديم الذي كان مجرّد مرآة عاكسة للسلطة لا للشعب .
عن أداء الاعلام العمومي بعد الثورة، وعن نسبة تخلصه من عباءة التمجيد وتلميع صورة المسؤول السياسي، حول الموجود والمنشود كان لنا حديث مع بعض الاعلاميين ...
   
توفيق العياشي: الجانب الدعائي مازال طاغيا

أكد الصحفي ورئيس تحرير جريدة آخر خبر توفيق العياشي أن الاعلام التونسي وخاصة العمومي منه بات يهتم بالجانب الدعائي في تغطية الحدث الرسمي وفي التعريف بنشاط المسؤولين، مضيفا أنه كان حريا به الاهتمام بالحدث الذي تتوفر فيه مقومات الحدث الصحفي والذي يقدم الاضافة.
وأشار العياشي الى أن الاعلام العمومي مازال يغطي الأنشطة الرسمية دون اختيار زاوية التغطية ودون انتقاء الحدث البارز فيها، مبينا ان الصحفي تحوّل الى أشبه بالملحق الاعلامي لدى المسؤولين والمؤسسات الرسمية .
وبيّن محدثنا أن محاولة تلميع المسؤول السياسي من خلال نقل نشاطه وتحركاته هو دليل على ضعف مهني وحرفي لم ينجح هامش الحرية الواسع الذي تمتع به الاعلام بعد 14 جانفي 2011 في تحسينه، مضيفا أن توفّر الحرية لا تعني بالضرورة تطور المستوى المهني للصحفيين والاعلاميين ولم تلغ البديهة التقليدية للصحفي في التعامل مع الخبر الرسمي، وساق محدثنا في هذا السياق مثال حيث قال:» مثلا لو تعلق الامر بلقاء بين رئيس الجمهورية التونسية ورئيس موريطانيا ولم يكن في اللقاء حدث هام أو قرار مصيري فلا موجب لصياغة خبر ينطلق بالتقى الرئيس التونسي بنظيره فلان «.
وأوضح توفيق العياشي أن هذا الأمر يعطي انطباعا ان ليس هناك حرية اعلام وان الاعلامي مازال مقيّدا، مستدركا أن الاعلامي هو سبب البليّة وسبب كبت حريته وليس السلطة.
وختم بالتأكيد أن الخروج من هذه الحلقة والصورة النمطية للاعلام العمومي في تغطية الانشطة الرسمية مناط بالهياكل المهنية من نقابات وجمعيات ومراكز تكوين مشيرا الى أنه من الضروري تكثيف الدورات التكوينية للصحفي حتى يتأقلم مع واقع الحرية الجديد، مبينا ان هذا الأمر لا ينطلق الا من قناعة لدى كل صحفي مهما كان مستواه المهني بأنه في حاجة الى الرسكلة والتكوين .

زياد الهاني: هناك تواطؤ عرقل الاصلاح


من جهته بيّن الاعلامي زياد الهاني أنه كان من المؤمل أن يكون الاعلام العمومي هو القاطرة التي تقود عملية تطوير الاعلام في تونس وتدعم مكتسبات الحرية المتحققة وتحصّن استقلاليته باعتباره منبرا للرأي العام، وسلطة رقابة على باقي السلط الأخرى ومن ضمنها السلطة التنفيذية، وأضاف انه رغم الجهود المبذولة من قبل بعض المؤسسات وأساسا الاذاعات الجهوية ومؤسسة «لابراس» الا ان النتيجة في البقية وفي مقدمتهم مؤسسة التلفزة التونسية مخيبة للآمال .
وأشار الهاني الى خطورة الدور الذي تلعبه بعض الأطراف في القطاع الاعلامي العمومي وحتى الخاص بالتواطؤ مع أطراف مسؤولة في الحكومة لعرقلة أيّة عملية اصلاحية في الاعلام وسعيها لابقاء الوضع على ما هو عليه خدمة لمصالح ضيّقة مرتبطة بالفساد وخدمة لأجندات التموقع السياسي .
وأكد زياد أن المنظمات المهنية ومن ضمنها المنظمة التونسية لحماية الاعلاميين والمنظمات الحقوقية تتحمل جميعها مسؤولية منع التفريط في أهم مكسب تحقق للتونسيين بعد 14 جانفي 2011 ألا وهو مكسب حرية الاعلام والتعبير .

يوسف الوسلاتي: الخط التحريري بعيد عن المنشود

أما عضو المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين يوسف الوسلاتي فبيّن أن أهمّ مسألة بالنسبة للاعلام العمومي هو خطّها التحريري الذي يعالج بدرجة أولى قضيّة الأولوية في تقديم الخبر. مشيرا الى أن الخطّ التحريري للمؤسسات الاعلامية العمومية ليس واضحا لعدّة أسباب أولها أن المسؤول عن المرفق العمومي يجهل معنى الخطّ التحريري والذي تحدّده الهيئات المنتخبة عبر اجماعها حول النقائص والمشاكل الوطنية وبالتالي الزام الاعلام العمومي بالاهتمام بهده المشاكل والقضايا .
وأشار محدثنا الى أنه من المفروض أن يكون للمؤسسات الاعلامية العمومية خطّ تحريري يهتم في المجال الأول بمصلحة المواطن قبل اهتمامها بالمصالح السياسية الضيّقة او تغطية نشاط رئيس الجمهورية، وبيّن الوسلاتي أن زيارة مسؤول سياسي لدولة اجنبية خبر لا يعني المتلقي قدر اهتمامه بخبر يهم الاحتجاجات حول التشغيل والتنمية، أو بنقص تأمين الغاز في المناطق الباردة، وأفادنا محدثنا أن ما يمرر اليوم في النشرات الاخبارية هو عبارة عن بروباغندا اعلامية لا غير .
وأضاف عضو المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين أن المرزوقي  كان يصر على ان تكون لأنشطته وتحركاته الأولوية في نشرات الأخبار نفس الأمر بالنسبة للسبسي، موضحا أن هذه الطرق قد تؤدي الى العودة الى المربع القديم وهو الدعاية السياسية .
وأشار محدثنا الى أن الحلّ يكمن في صياغة خطّ تحريري للمرفق العمومي كمشروع وطني متكامل، مضيفا أنه لا بدّ من قراءة متأنية لمحتوى الاعلام العمومي وتقديم المصلحة العام على الخاصة والا تمنح المؤسسات الاعلامية العمومية الأهمية للنشاط السياسي على حساب مشاكل الناس، لأن الاعلامي هو عمومي وليس حكوميا حدّ تعبيره .

رضا النجار: التونسي تصالح مع اعلامه العمومي

على عكس بقية المواقف رأى الدكتور والخبير الاعلامي رضا النجار أن الاعلام العمومي يضطلع بمهمة تغطية الأخبار الوطنية وجوبا، بحكم انه اعلام عمومي وفي خدمة المواطن، ومن أبرز وظائفه هي تغطية الأحداث على كامل تراب الجمهورية .
وبيّن محدثنا أن نسبة مشاهدة القناة الوطنية الأولى ترتفع أثناء بثّ شريط أنباء الساعة الثامنة، وهو دليل على كون المواطن التونسي تصالح مع اعلامه العمومي بعد الثورة ووجد فيه واقعه المعاش، مشيرا الى أنه قبل الثورة كان المواطن يلتجأ الى القنوات العربية وعلى رأسها الخليجية لمعرفة أخباره وأما اليوم فنجده تصالح مع اعلامه على حدّ تعبيره .
وبيّن محدثنا أن وظيفة الاعلام العمومي تختلف عن الاعلام الخاص حيث نجده مطالبا بتغطية النشاط الحكومي ومداولات مجلس النواب وغيرها من النشاطات السياسية التي تهم الحكومة والمعارضة وكل الحساسيات السياسية .
وأفادنا النجار أن الاعلام العمومي مطالب بالتغطية الشاملة والكاملة وهو ما يبرر وجود 9 مكاتب جهوية لمؤسسة التلفزية في مناطق مختلفة من البلاد، وذكر أن 2 مليون تونسي يتابعون نشرة الثامنة لأن أخبارها متنوعة ومختلفة .
من جانب آخر أوضح النجار أن الاشكال الذي يواجه المرافق العمومية هو في طريقة تركيب الخبر وترتيبه من الأهم الى الأقل أهمية أي أن المشكلة هي مشكلة أولوية لا غير، مبينا أن خبر الاستقبلات هام اذا لم يكن مجرّد بروتوكول حينها يتحوّل الى خبر ثانوي بالامكان الاستغناء عنه .

اعداد: سناء الماجري